بالصور: تأبين المرحوم البشير ولد الفاطر بتلمزون

alt=

الصحراء واحد

تم اليوم السبت 04 يناير 2024 بمركز تلمزون عمالة الطنطان تنظيم حفل تأبين المرحوم البشير محمد الفاطر من طرف عائلة الفقيد، بشراكة مع تعاونية صوت المجتمع المدني بالعيون، بحضور شيخ تحديد الهوية محمد سالم ويسي والسيد مولود أجف والسيد الهيبة الوعبان، إضافة الى بعض أعيان ووجهاء قبيلة يكوت وشخصيات مدنية وعسكرية وأصدقاء المرحوم .

هذه تلمزون ..قرية يفوح منها عبق التاريخ …تأسست منذ مآت السنين تبدو هادئة لكنها في الحقيقة تتوشح السواد حزنا على فقدان أحد سكانها الأوفياء، وآخر الشهود على تاريخها التليد إنه الفقيد البشير ول الفاطر الذي ترجل عن صهوة الحياة مؤخرا..
.فمن يكون هذا الرجل الذي ملئ الدنيا حزنا وأفاض دمع العيون حسرة على فراقه؟
هو البشير محمد الفاطر الذي رأى النور بأحد شعاب وادي الساقية الحمراء، في عشرينات القرن الماضي عندما سأله احد الصفيين كم عمرك أجابه مبتسما عشت مائتي عام، وحين بدت على ملامح الصحفي علامات الاستغراب اردف البشير قائلا : عشت مائة عام من عمري ومائة عام أخرى من عمر أبي …
ولد البشير في اسرة تمتهن الرعي لاب في آخر العمر ..فكان منذ نعومة أظافره المسؤول الاول عن مطالب أسرته، مما حتم عليه التنقل في شتى اصقاع الصحراء الواسعة تارة رفيقا للقوافل التجارية، وحاضرا في مجالس شيوخ وقادة قبائل الصحراء تارة أخرى الشيء الذي أكسبه خبرة كبيرة في تضاريس الصحراء وتشكيلاتها البشرية المتنوعة، اضافة الى أنه خصص فترة من عمره لتعلم أصول الدين والشريعة على ايدي مشاييخ آل الشيخ ماءالعينين .
انخرط مبكرا في صفوف جيش التحرير لمقاومة الاستعمارين الفرنسي والاسباني، وكان نعم الفتى ..وبرزت جليا مواهبه في الشجاعة والانضباط، حيث شارك في الكثير من معارك الجهاد آنذاك وخاصة معارك تكل ورغيوة و مركالة ثم ام لعشار …مما اهله لمنصب المسؤولية ضابطا ناىبا لقائد المائة، وهو في عمر الخامسة والثلاثين، وهذا ماتثبته الوثيقة الموقعة من جرف قادة جيش التحرير آنذاك .
عندما حصل المغرب على استقلاله عاد البشير الى خيام اهله في الصحراء، حيث ذاع صيته كشجاع وفارس لا يشق له غبار، كانت هوايته الصيد نظرا لخبرته في انواع البنادق التي اكتسبها من انخراطه في صفوف جيش ..
ونظرا لمكانته بين افراد عمومته وحكمته في التعامل ونشر قيم التسامح بين القبائل آنذاك، كان دائم الحضور لمؤتمرات الصلح ومنها ذاك المنعقد بمنطقة تيغيرت بأمكالة بحضور المجاهدين خطري ولد الجماني و احمد الحمادي..
ذاع صيت البشير ولد الفاطر ورفيق دربه عبداتي ولد مبيرة في كل بقاع الصحراء، وتناقلت الألسن أخبار رصاصة عبداتي الشهيرة، الى جانب مهارة الرماية كان البشير أديبا وشاعرا وحكيما .
وفي سنة 1958 كان البشير أحد المدعوين لمؤتمر بوخشبية في جنوب الطنطان، تحت رئاسة المغفور له الحسن الثاني الذي كان وليا للعهد آنذاك والذي تشكلت على إثره لجنة من أعيان القبائل الصحراوية ستقوم بتقديم البيعة للسلطان محمد الخامس. بعدها انخرط المرحوم البشير ضمن صفوف القوات المسلحة الملكية التي تشكلت آنذاك من ابناء عمومته بقيادة المجاهد المرحوم الكولونيل ماجور احمد المولاي والمهدي ولد لحويمد شهيد ميدان الشرف بمنطقة الفرصية يوم 06 من نونبر 1975.
امضى البشير خدمته العسكرية بكل تفان ومسؤولية الى أن أحيل على التقاعد سنة 1982.
بعد ذلك استقر بمنطقة تلمزون وكان رحمه الله مؤرخا ومرجعا تاريخيا في الأدب وأصول الدين، وظل بيته مفتوحا طلبة العلوم الشرعية والتاريخ والانتروبولوجيا .
الى أن وافاه الأجل المحتوم في 23 نونبر 2024، بمركز تلمزون لتطوى صفحة رجل ترك صماته جلية في منطقة الصحراء المغربية واكتسب محبة صادقة في قلوب كل من عايشوه .
باهظة هي أتعاب الذين لايطلبون مقابلا لدفاعهم عن الوطن، باهظة أرقام الشرف، انها الخلود في قلوب البسطاء .. ..
رحم الله البشير محمد الفاطر وأسكنه فسيح جناته.

Exit mobile version