نجيب الأضادي يكتب … المملكة المغربية وقوة الديبلوماسية الهادئة

alt=

الصحراء واحد

المملكة المغربية وقوة الديبلوماسية الهادئة.

🖋بقلم : نجيب الأضادي

تحول المغرب، في الآونة الأخيرة ، إلى ما يشبه خلية نحل ديبلوماسية. و مؤشرات ذلك كثيرة بدأت من زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز ووزيرة الخارجية الألمانية إلى تعيبن سفير جديد للولايات المتحدة الامريكية، تزامنا مع تزايد افتتاح عدد من الدول الصديقة والشقيقة لتمثيليات ديبلوماسية لها بالصحراء المغربية ؛ودعم عدد من الدول الأوروبية مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية ، بالإظافة إلى توسيع دائرة التعاون في العلاقات بين عدد كبير من الدول وتنويع الشركات .

وإذا أضفنا إلى ذلك الرحلات المكوكية لوزير الديبلوماسية المغربي ناصر بوريطة و غير ذلك من التحركات الدبلوماسية، سواء الخفية منها أو المعلنة التي يقودها بحكمة كبيرة جلالة الملك محمد السادس ، يتضح جليا أن المغرب يسير بثبات نحو بناء موقع جيو- استراتيجي هام ضمن المعادلات الدولية المعقدة التي ترتسم في عالم يشهد تقاطبات حادة بين عدد من القوى المؤثرة في العالم، اقتصاديا و عسكريا.

و لعل زيارة العديد من ممثليى دبلوماسية الدول الصديقية والشقيقة للمغرب من أوروبا وأمريكا وإسرائيل والخليج العربي ؛تدخل في هذا الإطار، أي في إطار توضيح و تعميق التفاهم في جملة من القضايا التي تهم القارة الأفريقية و شمالها تحديدا، فضلا عن حوض المتوسط و مشاكل الشرق الأوسط. لكن أيضا و بصورة أوضح كل ما له انعكاس مباشر على القضايا الوطنية وخاصة قضية الصحراء المغربية. و ما يشفع للمغرب في هذه المكانة المحترمة على الصعيد الدولي، هو نهجه الدبلوماسي المتوازن و نزوعه الدائم نحو السلم و الحوارالبناء ، و دعوته المستمرة إلى ضرورة احترام سيادة الدول في إطار الشرعية الدولية كما تنص على ذلك قرارات الأمم المتحدة.

و لأنه أصبح مؤثرا ، فالمغرب بات مطلوبا اكثر من ذي قبل ضمن معادلة رئيسية تهدف إلى ضمان استقرار وأمن و تنمية إفريقيا و حوض المتوسط تحديدا. فبلادنا لا تقبل على نفسها الاصطفاف غير المتوازن أو خوض صراعات بالوكالة مع أي كان. كل ما هنالك أن دول الشمال عليها أن تنصت أكثر إلى دول الجنوب، و هذه الأخيرة عليها أن تتضامن فيما بينها إن هي أرادت أن تضمن لنفسها مكانا لائقا وسط زحام العولمة. أمريكا تعلم ذلك، و روسيا وأوروبا تتفهمان الأمر رغم مناورات فرنسا . لكن في النهاية المغرب من عليه أن يبادر إلى فرض وجهة نظره ، و لديه من عناصر الضغط و المناورة ما يتيح له حسن التموقع و التأثير. الأمر ليس سهلا طبعا ، ولكن المجهودات المبذولة بدأت تؤتي أكلها. لانه في السابق لاحظ المغرب أنه كلما اتجه نحو امريكا تغضب أوروبا، و كلما اتجه نحو روسيا تغضب أمريكا، و كلما اكتفى بأوروبا تغضب روسيا و امريكا معاً ! لذلك كان الحل الذكي ، كي يتفهم الجميع ماذا يريد المغرب بالضبط، هو الرهان و الاستثمار في مستقبل افريقيا أولا. و بالفعل يشهد كل هؤلاء اليوم بأن المغرب له تفكير استراتيجي متعدد الاطراف في تدبير علاقاته الدولية، و الاعتماد عليه بات ضرورة لا محيد عنها.

هي إذن ديبلوماسية هادئة و حكيمة تلك التي تنهجها بلادنا، لكنها تضع المكاسب الوطنية على رأس أولوياتها. و هي تشبه إلى حد ما الاستراتيجية الذكية والبعيدة المدى التي نهجتها الصين حتى فاجئت العالم بما حققته على جميع المستويات. و إذا زاد المغرب عن ذلك بتسريع وتيرة إصلاحاته الداخلية، سيكون له ما يريد في الأفق المنظور..

Exit mobile version