الصحراء واحد
بقلم: أسلامة أشطوط باحث في التراث والدراسات الصحراوية والإفريقية.
حراس الگصر: حلم يتجسد في الواقع.
في مهرجان الفيلم الدولي بالهند، احتشدت الأضواء والأنظار في قاعة عرض تضج بالتوقعات، حيث كان الجميع ينتظر رؤية عمل سينمائي مميز، وقد كانت اللحظة المبهرة عندما عرض فيلم “حراس الگصر”. بلمسات عيدة أحمد مولاي بويا، انتقلت أجواء الصحراء المغربية الهادئة إلى قاعة العرض، محملة برائحة الرمال الدافئة وعبق التاريخ العريق. كان الحضور مأخوذا بالعمل، وكأنهم يجلسون في قلب الصحراء المغربية نفسها، يشعرون بحرارة الشمس وتدفق الرياح على الوجوه. تلك اللحظات جعلت الجمهور يعيش تجربة فريدة، وكأنما أزالت الشاشة الفاصلة بين الهند والطنطان، لتدمج المكانين في مشهد سينمائي بديع، حيث يمتزج الحلم بالواقع، ويتحرك التاريخ في صور مرئية تنبض بالحياة.
وفي لحظة الإعلان عن فوز الفيلم بالجائزة الكبرى، دوى التصفيق في القاعة، ولكن الهتاف لم يكن مجرد احتفاء بانتصار شخصي، بل كان تكريما لجماعة بأكملها، لأولئك الحراس الذين سُلط الضوء عليهم وللمخرجة التي جسدت هذا العالم بكل تفاصيله. عيدة، السيدة التي حملت شغفها وإرث مدينتها، لم تكن تقف على المنصة وحدها، بل كانت كل روح تسكن الگصر وكل صخرة من ترابه، تقف معها في تلك اللحظة.
الطنطان، المدينة التي تعود جذورها إلى أعماق التاريخ الصحراوي، لا تزال تصنع الحدث. من خلال الإبداع السينمائي، يخرج أبناؤها ليقولوا للعالم أن هذه المدينة الصغيرة قادرة على خلق معجزات فنية تلمس أرواح الناس وتروي قصصا خالدة. إسم عيدة أحمد مولاي بويا كُتب بحروف من نور في سجل السينما العالمية، ولكن أكثر من ذلك، فإنه محفور في قلوب كل من شاهد فيلم “حراس الگصر” وشعر بتلك الروح التي تنبض في أعماقه.
هذا الانجاز الكبير لا يمثل فقط نجاحا فرديا، بل هو انتصار لكل من ساهم في إحياء هذه الحكاية، ولكل من آمن بقوة الفن في إعادة بناء الجسور بين الماضي والمستقبل. فيلم “حراس الگصر” ليس مجرد عمل وثائقي، بل هو قطعة من التاريخ تُروى بلغة الفن، تُحافظ على تراث لا يندثر، وتبني مستقبلا مشرقا للسينما المغربية. وهكذا، تُثبت الطنطان مرة أخرى أنها ليست فقط مكانا على الخريطة، بل هي نبض فني وإبداعي مستمر، يُلهم الأجيال ويخلق مساحات جديدة من التعبير.
مع تتويج عيدة أحمد مولاي بويا، لم يُكتب اسمها فقط في سماء السينما، بل كُتبت معها قصصٌ وحكايات لن تُنسى. إنها حكاية الطنطان، التي كلما أتيحت لأبنائها الفرصة، صنعوا الحدث وكتبوا صفحة جديدة في كتاب السينما العالمية.
فوز الفيلم بجائزة كبرى في المهرجان الدولي بالهند لم يكن مجرد نقطة ضوء في سماء السينما المغربية، بل كان تتويجا لإبداع جماعي يُظهر قدرة السينما على تجاوز الحدود. وسط منافسة مع أعمال بارزة من دول مختلفة. استطاع “حراس الگصر” أن يثبت مكانته بفضل عمق محتواه وجودة إنتاجه.
هذا النجاح، الذي يضاف إلى رصيد السينما المغربية، يُعبر عن قدرة الإبداع الوطني على مواجهة التحديات العالمية. كما يُظهر أن القصص المحلية يمكن أن تجد لها صدى في العالم، وتكون قادرة على إلهام الآخرين. إن الإنجازات التي حققها “حراس الگصر” تعكس تاريخا طويلا من التفاعل بين الثقافة والفن، وتؤكد على أهمية الحفاظ على التراث في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم.
ومع تتويج “عيدة أحمد مولاي بويا”، فإن الطنطان تُثبت مرة أخرى أنها مركز للإبداع الفني. من خلال هذا الفيلم، تعكس المدينة روح التحدي والإبداع، وتؤرخ لاسم سيبقى شامخا في سماء السينما العالمية. وهكذا، يُبشر “حراس الگصر” بمستقبل مشرق، حيث يلتقي الفن بالتاريخ، وحيث تظل الحكايات حية في قلوب الأجيال القادمة.
في النهاية، إن هذا الإنجاز لا يمثل فوزا فرديا، بل هو انتصار للجماعة، للثقافة المغربية، وللرسالة التي يحملها كل مبدع يسعى لتقديم قصة تُحيي الماضي وتبني المستقبل. هنيئا لنا جميعا بعيدة أحمد مولاي بويا، هنيئا للطنطان التي تواصل صنع الأحداث وتكتب صفحات جديدة في كتاب السينما العالمي.هنيئا لعيدة أحمد مولاي بويا، التي أثبتت بجدارة أن الطنطان، أرض الإبداع، قادرة على أن تظل في مقدمة المشهد الفني العالمي، وتُضيء سماء السينما بأعمال تستحق أن تُروى.