الصحراء واحد
إسهامات المجتمع المدني بالصحراء، خطوات مظفرة للدفاع عن الوحدة الترابية!
أحرزت مكونات المجتمع المدني المنتمي للأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية نجاحات غير مسبوقة في ارتباط بدفاعها المنبري الدوري بمناسبة انعقاد جلسات لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار، للاستماع للجهات ذات المصلحة بقضية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
أبرز المتدخلون المنتمون للصحراء ان تلك الجلسات الأممية يجب أن ترقى بنقاشها الى بسط معلومات موثوقة وذات مصداقية حول الحالة والواقع بالصحراء المغربية، عوض إطلاق العنان للشائعات والمزاعم التي لا تجد لها من أساس سوى محاولات تنظيم البوليساريو إحراج المملكة المغربية في استحقاقات أممية.
وفي هذا الصدد، أوضحت الدكتورة الزهرة السعد، باحثة بالمعهد الوطني للبحث في مجال الصيد البحري، أن الصحراء المغربية استفادت من مجهودات عمومية كبيرة لتحقيق انفتاحها على الفضاء المحلي والوطني والقاري وتكاملها الاقتصادي مع باقي مناطق البلد.
وأشارت الى الانجازات الضخمة التي قامت بها الدولة المغربية بأقاليمها الصحراوية ومنحها لتلك المناطق الهيكل التنظيمي الذي كانت تفتقر إليه، وأكدت أن قطاع صيد الأسماك حظي بالصدارة من حيث برامج الدعم والتجديد والمرافقة، بدءا من إنشاء البنية التحتية اللازمة ووضع الخطط والبرامج للاستغلال المستدام للموارد السمكية.
وقالت الدكتورة السعد أن المناطق الجنوبية للمملكة المغربية تمتد على مساحة إجمالية تقارب 335.389 كيلومتر مربع، وتستفيد من ساحل أطلسي يبلغ طوله 950 كيلومترا، كما تتمتع بأغنى المياه السمكية في العالم، مع وجود العديد من الأنواع العالية الطلب. ونتيجة لذلك، تحتل الموانئ الصحراوية اليوم المركز الأول في بعض المنتجات كالسردين والماكريل ورأسيات الأرجل وغيرها.
إن إحداث تغيير جذري في البني التحتية وفي مجال التطوير والتنمية بفعل مجهودات الدولة المغربية، وإحداث وكالة النهوض والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية سنة 2002، والمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية سنة 2007، ساهم منذ ذلك الحين في إحداث نقلة نوعية في قطاع الصيد البحري، وفي جميع مناحي الحياة الأخرى بالصحراء.
وبغية إطلاع أعضاء اللجنة الأممية على ما تم إنجازه في قطاع الصيد البحري، تمت المصادقة على عل إحداث1000 شركة للصيد البحري وتوفير الكثير من فرص العمل للشباب، والاستغلال الأمثل للموارد الصيدية من خلال إحداث أو الارتقاء بمؤسسات متخصصة في هذا المجال، وأشارت المتحدثة في الان ذاته أن وكالة الجنوب استثمرت ما يقارب 26 مليون أورو في تنمية الصيد البحري، من خلال بناء وتطوير قرى الصيد بجهة العيون بوجدور ومنطقة الداخلة واد الذهب، فضلا عن بناء ميناء جديد.
وإحاطة للمشاركين في جلسات الاستماع المنظمة من قبل اللجنة الرابعة، بسطت الدكتورة السعد أرقاما دالة على المجهودات المبذولة لتطوير قطاع الصيد البحري، حيث أشارت الى أن إجمالي الاستثمار الذي تم ضخه في أسطول الصيد المسجل في المنطقة منذ عام 1977 يضاهي 134.7 مليون يورو، وذكرت أهم البرامج وأكثرها نجاحا فيقطع الصيد البحري، وفي مقدمتها خطة أليوتيس منذ 2009، التي تعد بمثابة استراتيجية لتطوير وتحديث قطاع الصيد البحري الوطني.
وختمت الدكتورة السعد إفادتها الشفاهية قائلة إن قطاع الصيد البحري، استفاد من النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، حيث تم تخصيص برنامج استثماري يقارب 8 مليار يورو للأقاليم الجنوبية، استفاد قطاع الصيد لوحده من مبلغ مالي قدره مليار أورو مخصصة لبناء الميناء الجديد “الداخلة الأطلسي” و120 مليون أورو مخصصة لتثمين منتوجات الصيد البحري، مضيفة أن الأقاليم الجنوبية تزخر في الوقت الحالي بتواجد 150 وحدة معالجة تعمل في مجالات مختلفة من صناعات صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية، بالإضافة الى إحداث ثورة حقيقية في مجال التعليم والتكوين وتعزيز القدرات، عبر إحداث عدد لا يستهان به من المعاهد والمؤسسات، لا سيما السلك العسكري وشبه العسكري والمعهد الوطني للبحث في مجال الصيد البحري، وتضمن هذا المؤسسة الاستغلال المستدام للموارد السمكية ومراقبة جودة البيئة البحرية وصحتها.
إن الاستراتيجيات المنفذة لتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة لم تنحصر فقط في إنشاء البنى التحتية وتطوير الاقتصادية وتنمية القطاع الفلاحي وقطاع الخدمات في المنطقة لرفع مستوى العيش وتحفيز الاستثمار وجلب المنافع، بل توجهت الجهود الى الاعتناء بفئة الشباب وتمكينها وتعزيز روح المبادرة في الأقاليم الجنوبية للمملكة بما يشمل جهات الداخلة وادي الذهب، والعيون الساقية الحمراء، وكلميم واد نون.
واسترشادا بخطط ومبادرات الدولة ذات الصبغة الاجتماعية، سلط الأستاذ ليمام بوسيف، رئيس الجمعية الجهوية للشباب الرائد بجهة الداخلة وادي الذهب على تلك الاستراتيجيات، معرجا على المشاريع والبرامج المنفذة بتعاون مع شركاء محليين ودوليين تهدف في مجملها الى تمكين الشباب وتعزيز روح المبادرة في الأقاليم الجنوبية للمغرب.
وأشار الأستاذ بوسيف الى برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، باعتباره ورشا وطنيا طلائعيا يهدف الى الحد من الفقر والضعف، وتحسين البنية التحتية الاجتماعية، وتعزيز الأنشطة الاقتصادية، وأضاف المتحدث أن هذه المشاريع تنقسم إلى أربعة برامج، بما في ذلك برنامج معالجة النقص على مستوى البنية التحتية الأساسية، وبرنامج دعم الأشخاص في وضعية هشاشة، وبرنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي، وبرنامج تعزيز التنمية البشرية للأجيال الصاعدة.
إن التعليم والتدريب المهني يشكلان عنصرين أساسيين لتمكين الشباب وتعزيز روح المبادرة. وقد شهدت الاقاليم الجنوبية استثمارات كبيرة في البنية التحتية التعليمية، بما في ذلك المدارس الجديدة والجامعات ومراكز التدريب المهني، وأكد المتدخل على محورية أدوار مكتب التكوين المهني وتعزيز التشغيل ونشاطه الملحوظ بمنطقة الصحراء، عبر تقديم باقة متنوعة من برامج التدريب في مجالات مثل الطاقات المتجددة والسياحة.
واسترسل الأستاذ بوسيف قائلا أن اكبر تحد يواجهه رواد الأعمال الشباب بالصحراء المغربية، يكمن في صعوبة الوصول للتمويل، واستجابة لشواغل شباب المنطقة حول إشكالية التمويل، أطلقت الحكومة المغربية العديد من المبادرات لتسهيل الوصول إلى الائتمان لرواد الأعمال الشباب، كبرنامج قرض انطلاقة وبرنامج فرصة، اللذان يوفران الدعم المالي للمشاريع المبتكرة والاستثمارات في القطاعات ذات الإمكانات العالية، حيث لعبت هذه البرامج دورا فعالا في مساعدة العديد من رواد الأعمال الشباب على تحويل أفكارهم التجارية إلى حقيقة من خلال هذه القروض.
واختتم المتدخل كلمته بضرورة تبسيط المساطر والتصدي للعراقيل التي من شأنها ان ترجأ تعزيز قدرات الشباب في مجال الأعمال، وتقليل نسب الفشل والمخاطرة، والحث على الاستمرار في البناء ودعم الجهود الوطنية في تحقيق إقلاع المناطق الجنوبية وتقليص التفاوتات المجالية، بغية ضمان التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، وتزويد الشباب بالوسائل اللازمة للمساهمة في مجتمعاتهم، مشبرا في الأخير الى أن المضي نحو مستقبل مزدهر وريادي مستدام بأسس واقعية وفعالة وفق مسار واعد لشباب رائد.