الصحراء واحد
كن الصياد أو كن الفريسة… ولكن لا تكن الكلب الذي يحضر الفريسة للصياد.
بقلم عادل بن الحبيب
جدلية الصياد والفريسة و الكلب ،في عالم تحكمه المصالح والصراعات، يبرز نموذج الصياد والفريسة كأحد أكثر التشبيهات تعبيرا عن الواقع. فإما أن تكون القوي الذي يحدد مصيره ويفرض شروطه، أو تكون الضحية التي تتلقى الضربات وتنتظر مصيرها المحتوم. لكن الأخطر من كليهما هو أن تكون “الكلب”، ذلك الوسيط الذي يخدم القوي على حساب الضعيف، دون أن يحصل على شيء سوى بقايا الوليمة.
هذه المقاربة ليست مجرد استعارة مقتصرة على عالم الحيوان، بل هي واقع يتكرر في السياسة، الاقتصاد، وحتى في الحياة اليومية. فهناك دائما من يلعب دور الصياد، ومن يجد نفسه فريسة، لكن هناك أيضا من يختار – عن وعي أو بدون وعي – أن يكون الأداة التي تسهّل عملية الصيد، معتقدا أنه بذلك يحجز لنفسه مكانا آمنًا بجوار القوي.
الصياد من يملك القوة يرسم القواعد هو من يملك زمام المبادرة، من يتحرك بخطى ثابتة لتحقيق أهدافه، سواء كانت اقتصادية، سياسية، أو اجتماعية. إنه الشخص أو الكيان الذي يخطط وينفذ، مستفيدا من قوته، ذكائه، أو سلطته. في عالم السياسة، يمكن أن يكون الصياد مسؤولا يعرف كيف يتخذ القرارات. في عالم المال، هو ذلك المستثمر الذي يعرف متى يشتري ومتى يبيع. في الحياة العادية، هو الفرد الذي يرسم طريقه بنفسه.
على الجانب الآخر، تقف الفريسة، الكيان الذي يفتقر إلى القوة أو الوعي الكافي لحماية نفسه. الفريسة قد تكون شخصا ، أو موظفا يعيش تحت رحمة أرباب العمل، أو حتى شخصا في علاقة اجتماعية غير متكافئة و سامة.
لكن الدور الأخطر في هذه المعادلة هو دور “الكلب”، ذلك الوسيط الذي يعمل لصالح الصياد، يساعده في تحقيق أهدافه، دون أن يكون له دور حقيقي في اتخاذ القرار. في عالم السياسة، قد يكون الكلب هو ذلك الشخص الذي يبيع المصلحة العامة من أجل مصلحته الخاصة. في الاقتصاد، هو الموظف الذي ينفذ سياسات تضر بالمصلحة العامة ، وفي المجتمع، هو ذلك الشخص الذي يخون أصدقائه طمعًا في بقايا الوليمة .
المشكلة الحقيقية أن “الكلب” يظن أنه يحمي نفسه، لكنه في النهاية لا يحصل إلا على الفتات، بينما يبقى الصياد هو الرابح الأكبر. وما إن تنتهي مهمته، حتى يتم التخلي عنه بسهولة، ليجد نفسه بلا قوة ولا كرامة.
العالم لن يرحم الضعفاء، لكنه أيضًا لا يحترم من يبيع نفسه ليخدم مصالح الأقوياء. الخيار ليس فقط بين أن تكون الصياد أو الفريسة، بل بين أن تكون شخصًا يمتلك قراره أو مجرد أداة تُستخدم لمصلحة الآخرين. وفي النهاية، ما يحدد موقعك في هذه المعادلة ليس الظروف وحدها، بل قراراتك وطريقة تعاملك مع الواقع. فكن الصياد، أو على الأقل، لا تكن الكلب الذي يحضر الفريسة للصياد.








