اعلام العيون… بين مطرقة التهميش وسندان الاختناق المالي

مدير الموقع12 سبتمبر 2025آخر تحديث :
اعلام العيون… بين مطرقة التهميش وسندان الاختناق المالي

الصحراء واحد

اعلام العيون… بين مطرقة التهميش وسندان الاختناق المالي

تعيش المقاولات الإعلامية بجهة العيون الساقية الحمراء واحدة من أسوأ أزماتها المالية في السنوات الأخيرة، وسط غياب شبه تام لأي دعم مؤسساتي أو التفاتة من الجهات الرسمية، ما عدا اشهار اطلس صحراء وكذا بعض الإشهارات المتفرقة على طول السنة من المجمع الوطني للفوسفاط، وهو ما يُهدد استمرارية هذا القطاع الحيوي ويُنذر بانهيار منابر شكلت لعقود صوتاً موازناً ومدافعاً شرساً عن القضايا الوطنية، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية.

واقع مزري رغم غنى الجهة

ورغم أن جهة العيون الساقية الحمراء تُعد من أبرز الأقاليم الجنوبية من حيث الاستثمارات والمشاريع الكبرى، فإن مؤسساتها الإعلامية المحلية تعاني من هشاشة مالية خطيرة. إذ يؤكد عدد من المهنيين أن المقاولات الصحفية بالمنطقة تُصارع من أجل البقاء، في ظل حرمانها من سوق الإشهار المحلي وتجاهل المؤسسات المنتخبة والعمومية لدورها المحوري.

أرقام مقلقة ومعاناة مستمرة

بحسب معطيات متداولة في أوساط المهنيين، فإن حوالي 75% من المقاولات الإعلامية الوطنية تعاني من ضائقة مالية تهدد وجودها، فيما يبقى الوضع أكثر تأزماً في الجهات الجنوبية، نظراً لغياب التوازن بين الالتزامات المالية وعدم توفر عائدات كافية تضمن الاستمرارية.

الصحفيون المحليون، الذين اشتغلوا لسنوات بجهود فردية وموارد محدودة، باتوا اليوم في وضع لا يُحسدون عليه، دون عقود واضحة، ولا تغطية اجتماعية أو صحية، وفي ظل انعدام أي آفاق مهنية تضمن لهم الاستقرار أو التطور المهني.

دور وطني… دون مقابل

ورغم كل هذه الإكراهات، لم تتخلَّ المنابر الإعلامية الجهوية عن مسؤولياتها الوطنية. بل ظلت في الصفوف الأمامية، تُواجه الخطابات الانفصالية، وتُفند المزاعم المغرضة التي تروجها جهات معادية للمغرب، خاصة في سياق تغطية مستجدات ملف الصحراء المغربية.

ويقول أحد الفاعلين الإعلاميين بالمنطقة:

“نشتغل بوسائل بسيطة وإمكانيات ذاتية، لكننا لم نتخلَّ يوماً عن مسؤوليتنا في الدفاع عن القضايا الكبرى للوطن… غير أن الواقع اليوم يُحتم علينا أن نُدق ناقوس الخطر.”

نداء إلى أعلى سلطة في البلاد

مع تفاقم الأزمة، لم يجد المهنيون سوى مناشدة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بصفته الضامن الأول لحرية الإعلام، والداعم المستمر للمبادرات الوطنية، من أجل التدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسات قبل أن تنهار، وتُفسح المجال لإعلام خارجي أو هش يخدم أجندات لا تصب في مصلحة الوطن.

الحاجة إلى تدخل مؤسساتي وتنموي

إنقاذ الإعلام الجهوي لا يتطلب قرارات كبيرة بقدر ما يتطلب إرادة سياسية واضحة ومقاربة تنموية دامجة، تُراعي خصوصية الإعلام المحلي في جهة لها مكانة استراتيجية وحساسة. ويقترح مهنيو القطاع عدداً من الخطوات العملية، أبرزها:

  • تخصيص دعم مالي قار للمقاولات الجهوية.
  • فتح باب الإشهار المؤسساتي أمام المنابر المحلية.
  • تنظيم شراكات مهنية بين الإعلام المحلي ومؤسسات التنمية.
  • تفعيل برامج التكوين والتأهيل بشراكة مع وزارة الاتصال والمجلس الوطني للصحافة.

الإعلام المحلي… مكوّن أساسي في التنمية

لا يسعى الإعلام الجهوي إلى الربح، بل إلى البقاء. فاستمراريته ضرورة لحماية النسيج الثقافي والوطني، ولضمان التوازن في المشهد الإعلامي، خاصة في ظل التحولات التي يعرفها المجال الرقمي والإعلام البديل.

وفي انتظار التفاتة حقيقية من الجهات الوصية، يظل الصحفيون المحليون في العيون مرابطين خلف كاميراتهم وأقلامهم، يكتبون بالحبر والأمل، ويحلمون بوطن يُنصف أبناءه، ومؤسسات تُنصت لأصواتهم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!