الصحراء واحد
ملتقى “Africa Executive Meeting” في فريتاون: دفعة قوية للعلاقات المغربية–السيراليونية نحو تعاون إفريقي متجدد

في إطار الدينامية الإفريقية التي يقودها المغرب لتعزيز التعاون جنوب–جنوب وترسيخ مقومات التنمية المشتركة بين بلدان القارة، احتضنت العاصمة السيراليونية فريتاون فعاليات ملتقى “Africa Executive Meeting (AEM)”، المنظم بمبادرة من الغرفة الإفريقية للتجارة والخدمات (CACS)، بشراكة مع مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، وبحضور وازن لعدد من الوزراء والسفراء ورؤساء الجهات والغرف المهنية والمستثمرين من مختلف الدول الإفريقية. وقد شكل هذا الملتقى الاقتصادي محطة بارزة لتعميق الحوار حول سبل بناء نموذج إفريقي متجدد قائم على التكامل الاقتصادي والابتكار والتضامن.
في كلمته خلال أشغال الملتقى، أكد السيد الخطاط ينجا، رئيس مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، أن الزيارة الرسمية التي قام بها الوفد الجهوي إلى سيراليون كانت مثمرة بكل المقاييس، حيث قال: “لقد مكنتنا هذه الزيارة من عقد لقاءات مهمة مع عدد من المسؤولين السيراليونيين، من بينهم وزير الخارجية ووزيرة الصيد البحري، إلى جانب اجتماعات B2B مع فاعلين اقتصاديين وممثلين عن الغرف التجارية وبعض رؤساء البلديات.” وأضاف أن الزيارة توجت بتوقيع مذكرات تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون اللامركزي بين الجانبين، في إطار الرؤية المغربية الرامية إلى دعم الشراكات الإفريقية المشتركة. كما عبّر عن امتنانه للسلطات السيراليونية على حفاوة الاستقبال، مؤكداً تطلع الجهة إلى تحويل هذه اللقاءات إلى مشاريع اقتصادية ملموسة تخدم المصالح المتبادلة للبلدين.
ومن جانبه، عبّر سفير جمهورية سيراليون لدى المملكة المغربية عن ارتياحه الكبير لهذه المبادرة، مشيداً بالدور الريادي لجهة الداخلة – وادي الذهب في تعزيز جسور التعاون جنوب–جنوب، قائلاً: “أنا سعيد للغاية بهذه المبادرة القادمة من جهة الداخلة، والتي تُعد نموذجاً للتعاون الإفريقي المشترك وتعكس عمق العلاقات الثنائية بين سيراليون والمغرب.” وأوضح أن بلاده تتطلع إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجالات الاقتصاد الأزرق، اللوجستيك، والبنية التحتية، مذكّراً بأن البلدين وقّعا ثلاث عشرة اتفاقية تعاون في قطاعات متعددة تشمل الصيد البحري، التعليم، النقل، العدل، والتجارة. كما نوّه بالدعم المغربي لبلاده في المحافل الدولية، معبّراً عن ثقته بأن “العلاقات بين البلدين ستستمر في التعمق لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.”
وفي السياق ذاته، أبرز السيد فوزي عبد المنعم، رئيس الغرفة الإفريقية للتجارة والخدمات (CACS)، أن اجتماع فريتاون يشكل لحظة مفصلية في مسار بناء إفريقيا جديدة تعتمد على قدراتها الذاتية، قائلاً: “إننا نؤمن بأن مستقبل إفريقيا سيُبنى بقوة شعوبها. يجب أن نراهن على تكامل اقتصادياتنا، وعلى طاقات شبابنا، وعلى الاستثمار في التعليم والابتكار.” وأشار إلى أن القارة تواجه تحديات كبيرة، منها ضعف التصنيع وقلة الاستثمار في البحث العلمي، لكنها تمتلك مؤهلات وموارد هائلة تجعلها قادرة على التحول إلى قوة اقتصادية عالمية إذا ما تم استثمارها في إطار تكامل إفريقي حقيقي، خاتماً بالقول: “هذا اللقاء في فريتاون ليس مجرد مؤتمر، بل إعلان عن بداية مرحلة جديدة من التعاون الإفريقي، قائمة على التضامن والابتكار والعمل المشترك.”
أما رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الداخلة – وادي الذهب، فقد أكد أن هذا اللقاء يجسد الترجمة العملية للرؤية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الرامية إلى ترسيخ الانفتاح على العمق الإفريقي وبناء شراكات استراتيجية مستدامة، قائلاً: “التوجيهات الملكية السامية كانت الأساس الذي انطلقنا منه لبناء علاقات اقتصادية جديدة في إفريقيا. لقد استقبلنا في سيراليون بحرارة كبيرة، ووجدنا إرادة حقيقية للتعاون وفرصاً استثمارية واعدة في مختلف القطاعات.” وأضاف أن اللقاء شكل منصة لتبادل الأفكار والخبرات وبحث سبل التعاون الصناعي والخدماتي واللوجستي، مؤكداً أن العلاقات بين الداخلة وسيراليون “تسير في الاتجاه الصحيح نحو بناء شراكة اقتصادية إفريقية متينة.”
واختُتم الملتقى بالتأكيد على أن القارة الإفريقية تمتلك كل المقومات لتكون قوة اقتصادية فاعلة على الساحة الدولية، شريطة الاعتماد على شراكاتها الداخلية وروح التعاون بين دولها. كما أجمع المشاركون على أن الشراكة المغربية–السيراليونية تمثل نموذجاً رائداً للتكامل الإفريقي القائم على الثقة والتضامن والمصالح المتبادلة، مؤكدين التزامهم بمتابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة وتحويل التوصيات والأفكار المنبثقة عن الملتقى إلى مشاريع عملية في مجالات الطاقة، التعليم، اللوجستيك، والرقمنة، بما يعزز مكانة إفريقيا كفضاء متجدد للنمو والابتكار والتنمية المستدامة.








