الصحراء واحد
لوموند الفرنسية…حين يتحول القلم إلى أداة ابتزاز في حق المغرب
في زمنٍ يفترض أن الصحافة فيه تحمل مشعل الحقيقة وتسهم في بناء جسور الفهم بين الشعوب، تنسلخ جريدة لوموند الفرنسية عن هذا الدور النبيل، لتتحول إلى منبر مشبوه يمعن في التدخل السافر بشؤون المملكة المغربية، ضاربا عرض الحائط بأخلاقيات المهنة الصحفية، ورافعا لواء الانتقائية والابتزاز المقنع.
خط تحريري عدائي وممنهج
من يراقب التغطيات المتكررة لـلوموند حول المغرب، لا بد أن يلاحظ الحقد البارد الذي يغلف مقالاتها، وطريقة تقديم الوقائع بطريقة مشوهة تفتقر إلى التوازن، بل وتفتقر أحيانا إلى أبسط شروط المصداقية الصحفية. فالمواضيع المتعلقة بالمغرب لا تقدم في إطار تحليلي محايد أو استقصائي نزيه، بل تأتي غالبا مصحوبة بأحكام جاهزة، ونبرة فوقية، وادعاءات مسيسة توحي بوجود أجندة تتجاوز حدود العمل الصحفي.
#أين_كانت_لوموند_حين_احتاج #المغاربة_للعدالة_الدولية؟
لن ننسى صمت لوموند حين كانت المدن المغربية تعاني من الإرهاب، وحين كانت المملكة تكافح وحدها لاستعادة الأمن والاستقرار. لم تكتب عن جهود المغرب في محاربة التطرف، ولا عن التجربة المغربية الرائدة في الأمن الديني… لكنها ظهرت فجأة حين تعلق الأمر بنشر تقارير مسربة، أو التضخيم من قضايا حقوقية مفبركة، فقط لأن مصادرها كانت “ملائمة” لتغذية أجندة الضغط والابتزاز.
ابتزاز ناعم تحت غطاء “الصحافة الاستقصائية”
ولعل أخطر ما يسجل على لوموند هو استخدامها “الصحافة الاستقصائية” كوسيلة ضغط وابتزاز سياسي، إما لخدمة لوبيات معينة، أو للتأثير على القرار المغربي المستقل. فمن تسريبات بيغاسوس التي روجت لها الجريدة دون دليل قاطع، إلى مقالات تتحدث عن الوضع الحقوقي والفساد دون الاعتماد على مصادر موثوقة أو وجهات نظر متعددة، تظهر الجريدة كأنها تنفذ أجندة مكتوبة سلفا، لا علاقة لها بالمهنية، بل كل علاقتها بمصالح وموازنات في باريس.
ازدواجية المعايير و”عقدة التفوق”
ما تفعله لوموند ليس مجرد انتقادات، بل يعبّر عن عقلية استعمارية موروثة، تحاول فرض وصاية إعلامية على المغرب. فحين يتعلق الأمر بفرنسا، تسود لغة “التحليل العميق” و”الفهم السياقي”، أما حين يتعلق بالمغرب، فتصبح الجملة جاهزة: “نظام سلطوي، انتهاك لحقوق الإنسان، وتضييق على الصحفيين”… وكأن المغرب ليس إلا بلدا صغيرا يجب تأديبه إعلاميا إذا اختار أن يكون حرا في قراراته السيادية.
إلى مسؤولي “لوموند”: المغرب ليس لقمة سائغة.
لعل ما يجب أن يدركه مسؤولو لوموند، وهم يصرون على تصدير صورة مشوّهة عن المغرب، أن هذا البلد ليس ساحة مفتوحة للتأثير ولا منصة لتصفية الحسابات. المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، يجسد اليوم نموذجا فريدا في الاستقرار والسيادة والنهضة التنموية، وهو ما يغيظ الكثير من دوائر النفوذ التي لم تستسغ استقلال القرار المغربي.
والأهم من كل هذا، أن الشعب المغربي، بكل أطيافه، يلتف حول عاهله ويمثل درعا حصينا للوطن، ولثوابته، ولمقدساته. فكل محاولة للنيل من المغرب من بوابة الإعلام لن تقابل إلا بمزيد من التماسك الداخلي، واليقظة، والرفض الشعبي لأي تدخل خارجي، خاصة حين يكون مفضوح الأجندة.
المغرب ليس رهينة لمحرريكم
الرسالة التي يبدو أن لوموند لم تفهمها بعد، هي أن المغرب تغير. لم يعد ذاك البلد الذي يمكن التأثير عليه عبر عناوين صحف أو تقارير مفبركة. المغرب اليوم له قراره، له استقلاليته، له إعلامه ومؤسساته، ولن يخضع لابتزاز إعلامي فرنسي أو غيره.
خلاصة القول:
لوموند، التي كانت يوما منبرا للفكر الحر والنقد الجاد، تحولت إلى أداة تخدم مصالح ضيقة ولوبيات ضغط، وتتعامل مع القضايا المغربية بنظرة استعلائية وعدائية. آن الأوان للقراء أن يعوا هذه الحقيقة، وأن يسائلوا الإعلام الفرنسي عن ازدواجيته، وآن للصحافة أن تتحرر من عقدة الهيمنة وتعود لأخلاق المهنة، إن كانت لا تزال تهمها هذه الأخلاق.








